من بعض الإعجاز البياني والإعجاز اللغوي الذي وجدناه في القرآن المجيد : الفروق اللغوية بين المفردات ، وبين التراكيب . فقد تجلت عنده الدقة ، ورصانة الإستخدام والتآلف مابين هذه المفردات ، حتى أنها تخدم المعنى المراد في غير غموض ، أول لبس – سبحان رب جل جلاله – . ومن مثله إيراد كلمتي : أتممتُ ، وأكملتُ . فما الفرق بينهما ؟ وأين تكمن عذوبة الإستخدام ؟ إليك بيانها :
أما في قوله تعالى : (اليوم أكملتُ لكُم دينكُم وأتْممتُ عليكُم نعمتي)
أكمل الأمْـرَ:
أي أنهاهُ على مـراحل مُتقطّعة ، بينها فواصل زمنيّة ؛ فالذي عندهُ أيّام إفطار في رمضان ويجب عليه صيامها فيما بعد، لديه فسحة أحد عشر شـهراً لإنجازها ، ولو على فترات متقطّعة ، لذلك قال تعالى: (ولتُكْـملوا الـعِدّة)
أما أتـمّ الأمـر: فيلزم عدم انقطاعه حتّى ينتهي . ولايصح مثلاً الإفطار أثناء النهار في صيام رمضان ، حتى وإن كان لفترة قصيرة ً ، لذلك يقول الله تعالى :
(ثُمّ أتِمّـوا الصـيام إلى الليل) ؛ و لم يقل [أكملوا] .
كذلك لا يجوز للإنسان أن يتحلّل مِنَ الإحرام في الحجّ حتى ينتهي من شعائره.
لذا يقول الله تعالى:
(وأتمّوا الحجّ والعُمرة للّـه).
و ليس أكملوا الحجّ.
فلماذا إذن الدين” اُكْمل”، بينما النعمة “أُتِمّت” ؟ وفي الإجابة تكمن عظمة الخالق : الدين نزل على فتراتٍ متقطّعة ، على مدى ثلاثة وعشرين عاماً ، بيد أن المُلفت والجميل أن نعمة الله لم تنقطع .ً.. قط ، فقال: (وأتممتُ عليكُم نعمتي)